الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

مافيا الأنسولين

سابقاً، عندما كان يدخل إلى صيدليتي شخص ما ويطلب مني حقنة أنسولين مستوردة ثم يقوم بالفصال في سعرها ليخفض منها جنيهاً أو جنيهين ، كنت أغضب جداً وذلك لكون مكسبها قليل جداً لا يتجاوز قروش قليلة غير أني في الآونة الأخيرة عرفت سبب ذّلك لكون بعض من باعوا ضمائرهم ببخس الأثمان يقومون بشراء الأنسولين بأسعار زهيدة من مافيا الأنسولين!!

نعم عزيزي القارئ أنت لم تخطئ القراءة (مافيا الأنسولين)، وليست الشركة المصرية لتجارة الأدوية هي الشركة الوحيدة المصرح لها ببيع هذا النوع من الأدوية المستوردة وذلك للتحكم فيها، هم عبارة عن تجار جملة يقومون بشراء الأنسولين من مرضى التأمين الصحي الذين قد يكونون بغير حاجة لهذا الدواء أو يصرف لهم ما يزيد عن حاجتهم الأصلية، يشترونها بسعر حوالي 15 جنيهاً للأنسولين المائة وحدة مثلاً المسعر جبريا للجمهور ب 31 جنيهاً !!!

يقوم تجار الجملة - أقصد تجار الأنسولين – بعد ذلك بتجميع الأنسولين في أقرب حقيبة تحت سرير غرفة النوم حتى تتجمع لديهم كمية كافية لتوزيعها على أقرب صيدلية أو مخزن أدوية، نلاحظ بالطبع أن الأنسولين لابد من حفظه في الثلاجة في درجة حرارة من 2 إلى 8 ْ س (راجع مقالتي أدوية الثلاجة) وهذا كاف لجعل الإنسولين شوربة لا تؤثر في أي شيء، ولا مفعول لها ثم يتساءل الجميع ما السبب، ولماذا نزعت البركة ؟؟!!

يدخل تاجر الإنسولين إلي في الصيدلية ويسألني بكم حقنة الأنسولين المائة وحدة فأخبره أنها ب 31 جنيه فيقول لي باستهزاء وبابتسامة عريضة صفراء ولماذا لا تشتريها مني ب 25 أو 20 جنيهاً فقط!! هنا يسيل لعابي لهذا العرض المغري وأسأله كيف ذلك ؟؟ فيخبرني أنها فقط من التأمين الصحي والمرضى لا يحتاجون إليها فبقوم مشكوراً بجمعها وذلك لحل مشكلة مرضى السكر مكتفياً بربح زهيد للغاية وذلك بعد مسح ختم التأمين عنه بالكحول !!!! هنا يسول لي الشيطان وتسول لي نفسي وقد أحاول تجربة هذه الصفقة الرابحة، ولكن ماذا عن أبعاد هذا الأمر؟؟

هذه الرواية المأسوية لها أبعاد كثيرة لابد من معرفتها لنتمكن من حل المشكلة نوجزها فيما يلي :

1) التأمين الصحي في مدينة شربين الطيبة قد يقوم فعلاً في بعض الأشهر بصرف الأنسولين بكمية كبيرة لمن يحتاجه أو حتى لمن لا يحتاجه وذلك لتوفر كميات كبيرة منه وسداد عجز في الميزانية و تقفيل الدفاتر كما يقولون. (هنا يكمن في امتناع المرضى عن صرف هذا الدواء وتوجههم مشكورين إلى مدينة المنصورة حيث يمكنهم صرف أي دواء يريدون بدون غصب ونذكرهم الله ونخوفهم عقابه فيما يفعلون من إضرار بصحة إخوانهم وغشهم لهم.)
2) تنبيه مرضى السكر إلى أن من يبيع الأنسولين بأقل من ثمنه المسعر قد حصل عليه من مصادر غير مأمونة مما يعرضه لكونه قد تحلل ولا فائدة ترجى منه، كما ننبههم إلى ضرورة تفحص عبوة الأنسولين للتأكد من عدم مسح شيء من عليها.
3) تنبيه الصيدليات إلى أن هذا العمل غير أخلاقي بل غير ديني حيث صدرت أكثر من فتوى بأن شراء أدوية التأمين الصحي أو استبدالها بأدوية أخرى – سواءً أنسولين أو غيره – غير جائز شرعاً فما بالنا بالأنسولين الذي يجب حفظه في درجات حرارة منخفضة وإلا تحلل وضاعت فاعليته!!

بهذه النصيحة الخالصة نكون قد أعذرنا إلى ربنا وحافظنا على رزقنا الحلال وابتعدنا عن الشبهات اللهم ارزقنا حلالا طيباً مباركاً فيه .

كتبه: الغيور على إخوانه


0 التعليقات: